سمعنا جميعًا في السنوات القلية الماضية عن نموذج المطابخ السحابية. ومنا من قرأ عنه سريعا أو بالتفصيل للتعرف على مميزاته وعيوبه وميزانياته وموظفيه وأهم نصائح الاستفادة منه. كما أقدمت العديد من المطاعم التقليدية على الاستعانة به عالميًا وفي مناطق مختلفة من المملكة العربية السعودية، ليرى الآلاف هذا النموذج ويطلبوا منه وجباتهم.
ولأن لكل ظاهرة أسباب وعوامل مهدت لظهورها، ينظر هذا المقال في أسباب صعود هذا النموذج.
“في هذا المقال نتناول إجابة السؤال: ما الذي تغير في طبائع الناس والاقتصاد والمجتمع والتكنولوجيا ليصبح نموذج المطابخ السحابية بهذا الشيوع والانتشار عالميًا؟”
عوامل مهدت لصعود نموذج المطابخ السحابية
1- ارتفاع الطلب على توصيل الطلبات للمنازل
نمت وتوسعت شركات توصيل الطلبات والوجبات للمنازل مثل شركات أوبر ودور داش عالميًا، وشركات مثل جاهز ومرسول ووّصل وديلي ميلز في السعودية. بنمو هذه الشركات وتعدد الخيارات المريحة التي توفرها، زادت رغبة الناس في تجربتها والحصول على طعام حار طازج مغلف عند باب المنزل. وهو ما جعل خيار المطابخ السحابية مغريًا لملاك المطاعم.
ومن الإحصائيات الدالة على ارتفاع الطلب على توصيل الطلبات:
- نما اتجاه المطاعم لتوصيل الوجبات عبر الإنترنت بنسبة 20% خلال الخمس سنوات الماضية (من 2018 إلى 2022). وهو ما وصل بها إلى نسبة 40% من إجمالي مبيعات المطاعم.
- يقدر بنك الاستثمار الأمريكي UBS الزيادة المتوقعة في مبيعات توصيل الطلبات عالميًا بـ 20% سنويًا لتصل قيمة القطاع في 2030 إلى 365 مليار دولار وهي أكثر من 10 أضعاف قيمته الحالية (يقدر البنك قيمة القطاع حاليًا بـ 35 مليار دولار).
2- وباء الكورونا وما تلاه من تغيرات
لعب وباء الكورونا وما تلاه من حظر تجول وإجراءات وقائية دورًا تأسيسيا في شيوع نموذج المطابخ السحابية. فمن ناحية قيّد الحظر نزول الناس للشوارع وحرمهم من عادات التنزه وزيارة المطاعم، فلجأوا إلى الطلب عبر الإنترنت. ومن ناحية أخرى ساهم خوف الناس من العدوى والزحام في اكتفائهم بالطلب عبر الإنترنت حتى في الأيام التي لا يوجد فيها حظر تجول.
3- ارتفاع تكاليف الإيجار وتكاليف التوظيف في المطاعم
تتعدد تكاليف إدارة وتشغيل المطاعم التقليدية وتصل في كثير من الأحيان لمستويات باهظة بسبب ارتفاع أسعار الإيجارات ورواتب الموظفين. وخلال بحث ملاك المطاعم عن حل لهذه المشكلة، ظهرت المطاعم السحابية كحل عبقري يوفر تكاليف الإيجارات ويمكن تشغيله بعدد موظفين أقل.
4- تغيّر تفضيلات عملاء المطاعم
أثبتت السنوات الأخيرة أن أهم ما يبحث عنه مستهلكو وجبات المطاعم شيئان لا شك فيهما: التنوع والراحة. وكما هو الحال في كل المشروعات والقطاعات، لا يوجد ما هو أهم من رغبات العملاء وإشباعها إذا رغبت المنشأة في تحقيق الأرباح. لذلك ظهر حل المطابخ السحابية ليمكن المطاعم من إرضاء:
- حاجة العملاء للراحة عبر التوصيل لباب البيت.
- وحاجتهم للتنوع عبر تجهيز مئات الأطباق سريعًا في مساحة صغيرة وبتحكم قوي في التكاليف.
وهو ما يصعب تحقيقه في المطاعم التقليدية.
- يقول 20% من المستهلكين أنهم ينفقون أموالًا أكثر عند طلب الطعام أون لاين.
- تزيد مبيعات المطاعم بنسبة 10% – 20% عند التعاون مع تطبيقات توصيل الطلبات.
5- تطور التكنولوجيا والتطبيقات الإلكترونية
بتقدم التكنولوجيا وآليات برمجة التطبيقات، لم يعد امتلاك تطبيق إلكتروني ضخمًا ومعقدًا كما كان في الماضي. فإذا نظرت حولك ستجد عشرات المطعم التي تمتلك توصيل تطبيق خاص بها وتشترك بالرغم من ذلك في اثنين أو ثلاثة من تطبيقات توصيل الطلبات المتخصصة في خدمة المطاعم.
6- زيادة التنافسية بين المطاعم
صناعة المطاعم والضيافة من أشد القطاعات تنافسية. وهو ما يدفع ملاك المطاعم للبحث الدائم عن وسائل تميزهم عن المنافسين للاستحواذ على العملاء وكسب ولائهم. يساهم في ذلك بحث عملاء المطاعم المستمر عن “الجديد” و”الحصري” ورغبتهم في تجربة أكثر من مكان. وقد جاء نموذج المطابخ السحابية ليوفر للمطاعم ميزة القدرة على تحضير وجبات فريدة لذيذة وجديدة، وهو ما يصعب تحقيقه بنفس الاستمرارية والإبداع والتوفير في نموذج المطاعم التقليدية.
7- حاجة المطاعم للتوسع وافتتاح الفروع
يبحث كل صاحب عمل عن الربح والتوسع والوصول لعملاء جدد ومناطق جديدة. في المطاعم التقليدية، يحتاج هذا التوسع إلى عقارات وديكورات وعمال وعمليات تشغيلية معقدة. لكن المطبخ السحابي يوفر لمالك المطعم الوصول لهذه المناطق والشرائح البعيدة دون تأجير مبنى كبير أو الاضطرار لتوظيف عدد كبير من العمال، وفي وقت قصير جدا بالمقارنة بمدة تخطيط التوسع التقليدي.